معنى الخشوع
أصل الخشوع هو لين القلب ورقته سكونه وخضوعه وانكساره وحرقته ، فاذا خشع القلب ،تبعه خشوع جميع الجوارح والاعضاء ؛ لأنها تابعة له كما قال - صلى الله عليه وسلم - (( ألا وان فى الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله ، واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب )) فاذا خشع القلب ، خشع السمع والبصر والرأس والوجه وسائر الاعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام ، ولهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى ركوعه فى الصلاة
( خشع لك سمعى وبصرى ومخى وعظمى )) ورأى بعض السلف رجلا يعبث بيده فى الصلاة فقال
( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ))
من أسباب خشوع القلب معرفة الله وأصل الخشوع الحاصل فى القلب ، انما هو من معرفة الله ، ومعرفة عظمته وجلاله وكماله فمن كان بالله أعرف ، فهو له أخشع . ويتفاوت الخشوع فى القلوب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له وبحسب تفاوت مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع .
العلم النافع والعلم النافع : هو ما باشر القلوب فأوجب لها السكينة والخشية والاخبات لله والتواضع والانكسار ، واذا لم يباشر القلب ذلك العلم ، وانما كان على اللسان فهو حجة الله على ابن ادم . ولهذا امعنى وصف الله سبحانه وتعالى فى كتابه العلماء بالخشية كما قال الله تعالى : (( انما يخشي اله من عاده العلماء )) وقال : (( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))
ووصف العلماء من أهل الكتاب قبلنا بالخشوع كما قال الله تعالى : (( ان الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا *ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا )) وقال تعالى : (( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك فى ضلال مبين * الله نزل أحسن الحديث كتابامتشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ))ولين القلوب هو زوال قسوتها لحدوث الخشوع فيها والرقة وقد قبح الله من لا يخشع قلبه لسماع كتاب الله وتدبره . قال تعالى
( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من لحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )) وقد سمع كثير من الصالحين هذه الاية تتلى فأثرت فيهم آثارا متعددة فمنهم من مات عند ذلك لانصداع قلبه بها ومنهم من تاب عنذ ذلك وخرج عما فيه . وأنت يا ابن آدم أحق أن تخشع لذكر الله لأن عليك الحساب ولك الجنة والنار وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يستعيذ من قلب لا يخشع فكان يقول : (( اللهم انى اعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لايخشع ومن دعوة لا يستجاب لها ))
يتبع
الخميس فبراير 17, 2011 3:03 pm
